الحليفة القديمة الجديدة لإسرائيل
بعد موجة التهديدات واحتمالات ضرب إسرائيل لإيران خوفا من حصولها على أسلحة نووية وامتعاضها من تهديدات أحمدي نجاد ومساعدته لحزب الله في لبنان وحماس في غزة، بدأت ملامح تحول في السياسة الإسرائيلية تهون من خطر إيران. فقد صرح الجنرال بيني غانتز، رئيس الأركان بأنه يشك في وجود أي نية في طهران للحصول على هذه الأسلحة. أيده في ذلك إيهود باراك، وزير الدفاع، بقوله إن إيران لم تقرر بعد حيازة أي أسلحة نووية. الحقيقة أنني لاحظت صدور تعليقات من المصادر الإعلامية أيضا تبدد المخاوف من الخطر الإيراني. كانت هناك مقالة في «هآرتس» تقول إن هذه التهديدات الإيرانية مرحلة عابرة. فهناك تحالف تاريخي بين اليهود والإيرانيين. لا بد أن يتذكر الإسرائيليون أنهم ساعدوا كورش على فتح بابل وكافأهم بالسماح لهم بالعودة إلى أورشليم وإعادة بناء دولتهم. وكما نتذكر أن الشاه محمد رضا حافظ على علاقات طيبة مع تل أبيب.
ما السر في هذا التحول الجديد في الموقف الإسرائيلي؟
طالما بقي العرب على تفكيرهم في معاداة إسرائيل وأملهم في ضربها وإزالتها من الخريطة يوما ما (وهي فكرة أخذ حتى بعض الغربيين يؤمنون بها)، فإن إسرائيل ستحرص على إبعاد هذا الخطر. هكذا أقامت استراتيجيتها على ضرورة إضعاف العرب، وتمزيق دولهم وكياناتهم، وتقسيمها، وتشجيع القلاقل والمشكلات والحروب الداخلية وإشغالهم بها، واستنفاد ثرواتهم. في حوار جرى لي في أيام صدام حسين مع خبيرة إسرائيلية متخصصة بشؤون العراق، قالت لي صراحة إن تقسيم العراق سيكون من مصلحة العراقيين. وإن من مصلحة إسرائيل نقل الحكم للشيعة لأنهم أقل حماسا من السنة لموضوع فلسطين. طبعا نجحوا الآن في كلا الهدفين. لا تبدي الحكومة العراقية الآن أي اهتمام بموضوع فلسطين واضطر سائر الفلسطينيين إلى مغادرة العراق. وبالطبع حققت مخططاتها في السودان بتقسيم السودان إلى شمال وجنوب. وستظل تسعى لتقسيم أي بلد عربي.
لا بد أنه لاحظ المسؤولون في تل أبيب أن إيران أصبحت آلة جيدة في خدمة هذه الاستراتيجية من حيث بث الانقسامات الطائفية وتغذيتها في الدول العربية، وإثارة القلاقل والاضطرابات فيها، وتشجيع شعار إقامة «جمهورية إسلامية»، واستنزاف ثروات العرب في الإنفاق على أجهزة الأمن والإعلام والقوات المسلحة، وزجها في حروب واضطرابات داخلية، وبالتالي تحويل تفكير العرب من موضوع فلسطين إلى مواضيع مشكلاتهم الداخلية. هذا ما نجح حتى الآن. لقد أصبح موضوع فلسطين موضوعا ثانويا تماما قلما تعيره مصادر الإعلام العربية والعالمية أي اهتمام. أنا الذي أعتبر نفسي خبيرا في الشأن الفلسطيني، أصبحت لا اعرف أي شيء عما يجري الآن في فلسطين أو بشأن فلسطين. تكاد تصبح نسيا منسيا.
هذا هو سبب التحول في النظرة الإسرائيلية. أصبح النشاط الإيراني والشيعي الصفوي المرتبط بإيران خير عتلة تخدم الماكنة الإسرائيلية وربما سيفتح لها أبوابا وجسورا لم تحلم بها في العالم العربي. ربما سيجد البعض أن إجراء مشاورات في تل أبيب أفضل من إجراء مشاورات في قم!
وهذه كلمتي للسيد أحمدي نجاد. اطمئن يا سيدي ولا تقلق! إسرائيل معك.